أشدّ ما يزعجهم في حملة التبرّعات الفلسطينية لشعب سوريا، أنّ التبرعات ليست بترولا سعوديا، وليست مساعدات أمريكية، وليست غازا قطريا. بل هي خبز مقتطع من رغيف الخبز، ودواء مقتطع من ثمن الدواء، إسناد المهجّرين للمهجّرين، وإسناد الشعوب للشعوب. وهو، بحقّ، تقويض لادّعاء التآمر الكونيّ. لكن المهم هو هذا:
يعلم الفلسطينيون أنّ الشعب السوري قد تم تجويعه أيضا باسم الدفاع عن فلسطين، تحت يافطة "التوازن الاستراتيجي" التي رفعها النظام على مدار عقود ليسرق قوت الناس. وهم يعلمون أيضا أن التوازن الاستراتيجي غير معقود بمشاريع دونكيشوتية تمّ التخلي عنها عند أول هجمة للنظام الإمبريالي في المنطقة (المشروعين الكيماوي والنووي، اللذان تخلّى عنهما النظام أمام فرق التفتيش الدولي وقاذفات "إسرائيل"). التوازن الاستراتيجي هو حصّالات الأطفال ، وأساور النساء، ونصف ثمن تبغ الرجال الذين تعجّ رئاتهم بغبار الأسمنت في الورش والمصانع.
التوازن الاستراتيجي هو تلاحم الشعوب المقهورة، لا قرار يصدر من قصور الجنرالات وتجار الدم!
في قصّة طاغور عن رمّانة الفقيرة ما يغني عن الإسهاب. وفي القلوب من ارتعاشات ما يجعل قطع الحديث أوجب. هي قلوبنا يا أهلنا في سوريا، خيّطوا جلدها نعالا لأطفالكم، فالعنق مثقل بالعرفان على عقود من المحبّة الخالصة التي تمرّ عبر حقل الألغام، ورغم فرع فلسطين.. خاوة!

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق